[كتابُ ٱبْنِ المَلِكِ والناسِكِ]
بِسم اللهِ الرَحْمَن الرَحِيم
مُخْتَصَرٌ مِن كِتَابِ أَحَدِ حُكَمَآءِ
الهِنْدِ الفاضِلِينَ وَهْوَ كِتَابٌ
بَلِيغُ الإِشَارَاةِ، مُسْتَعْذَبُ العِبَارَاتِ
حَسَنُ المَعَانِى. نَفَعَنَا اللهُ بِهِ أمِين
ذَكَرَ مُصَنِّفُهُ أنَّهُ كان بِأرْضِ الهِنْدِ مَلِكٌ كَبِيرٌ ولشِدَّةِ مَحَبَّتِهِ فى
الدُّنْيَا * وَاشْتِغَالِهِ عن ذِكْرِ الأَخِرَه * وَشَغَفِهِ على مُلْكِهَ * أَنْ لا يَكُونَ
فى اللدُّنْيَا مَنْ يَطْعَنُ عَلَيْهِ * أبْعَدَ أَهْلَ الدِينِ * وقَرَّبَ أَهْلَ الأَوْثَانِ *
فسَألَ يَوْمًا عن رَجُلٍ مِن أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ كان يَسْتَعِينُ بِرَأيِهِ * فقِيلَ له
قد زَهِدَ فى الدُنْيا وخَرَجَ عن أهْلِهِ ومَالِهِ ولَحِقَ بِالنُسَّاكِ * فعَظُمَ
ذلكَ عليه * وأَرْسَلَ فى طَلَبِهَ * فلَمَّا اُحْضِرَ اِلَيْهِ ورَآهُ فى حَالِ اَهْلِ
النَسُكِ شَتَمَهُ * وقَالَ بَيْنَمَا كُنْتَ عِنْدِى مِن كُبَرَآءِ اَهْلِ مَمْلَكَتِى *
اَهَنْتَ نَفْسَكَ * وفَارَقْتَ أهْلَكَ * وطَلَبْتَ الباطِلَ * فقَالَ الناسِكُ اَيُّهَا
المَلِكُ اِنَّهُ واِنْ لَمْ يَكُنْ لِى عَلَيْكَ حَقٌّ فاِنَّ مِنَ الواجِبِ اَنْ تَسْمَعَ قَوْلِى
بِغَيْرِ غَضَبٍ * ثُمَّ تَأْمُرَ بِمَا يَبْدُو لَكَ * فإنَّ الغَضَبَ عَدُوُّ العَقْلِ * يَحُولُ
بَيْنَ صاحِبِه وبَيْنَ أنْ يَسْمَعَ ويَفْهَمَ * فقَالَ المَلِكُ قُلْ * قَالَ النَاسِكُ
هَلِ الذَنْبُ الّذِى تُنْكِرُهُ عَلَىَّ هُوَ رَاجِعٌ الى نَفْسِى أمْ اِلَيْكَ * قال الى
نَفْسِكَ واِلَىَّ * فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ اَرَادَ اَنْ يُهْلِكَ نَفْسَهُ يَنْبَغِى لِى اَنْ اُخْلِى
(اُخلِّى) بَيْنَهُ وبَيْنَ ذَلِكَ * فإِنِّى اُعِدُّ اِهْلَاكَهُ لِنَفْسِهِ كَإِهْلَاكِهِ